ساقي الحرمين
سيد قريش وعم الرسول الكريم وأكبر منه سنّاً بثلاث سنين، كان يتعهد المسجد الحرام فيسقي الحجاج ويقوم على خدمتهم- ورث ذلك من أبيه عبد المطلب- وكان قبل إسلامه شديد الحب لرسول الله، يقف بجانبه ويدفع عنه أذى المشركين، وحضر - قبل إسلامه- مع النبي الكريم بيعة العقبة الثانية ليطمئن عليه. وكان من أكرم الناس وأجودهم، قال عنه صلى الله عليه وسلم: (هذا العباس أجود قريش كفًّا وأوصلها) [رواه أحمد].
كان النبي الكريم يحبه حباً شديداً، ويقول: من آذى عمي فقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه (مثل أبيه) [رواه الترمذي].
أسلم (رضي الله عنه) قبل فتح مكة، وحضر الفتح، واشترك في فتوح المسلمين، ويوم حنين كان ممسكًا بلجام بغلة النبي الكريم، وهو ممن التفَّ حول الرسول الكريم يدافع عنه بعد أن فرَّ أغلب المسلمين، وأخذ العباس ينادي مع رسول الله على المسلمين حتى ثبتوا، وأنزل الله عليهم سكينته، وكان النصر العظيم حليفهم.
وفي خلافة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أجدبت الأرض فخرج الناس إلى الصحراء ومعهم عمر والعباس، فرفع الخليفة عمر يديه إلى السماء وقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيِّنا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا.
فلما استسقى عمر بالعباس، قام العباس ورفع يديه إلى ربه وقال: اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث.. ولم يكد العباس ينهي دعاءه حتى امتلأت السماء بالغيوم والسحاب، وأنزل الله غيثه، فانطلق الناس يهنئونه ويقولون: هنيئًا لك ساقي الحرمين.
للعباس ولدان: عبد الله بن عباس حَبر الأمة، وعبيد الله بن عباس (رضي الله عنهم).
توفي (رضي الله عنه) يوم الجمعة 14 رجب 32 للهجرة، ودفن بالبقيع، وعمره 88 عاماً، وصلى عليه الخليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنهم وأرضاهم)..
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire