Nombre total de pages vues

vendredi 27 mai 2016

أمة الدعوى و ااتبليغ

الرد على من يزعم أنه لا يخرج للدعوة إلا العلماء ،ولايبلغ الدين إلا المجتهدين ......
وهذا يرد عليه سنة النبى صلى الله عليه وسلم حيث وقف عليه السلام فى حجة الوداع أمام عموم المسلمين ، علماء كانوا أم بسطاء أم أعراب ، مخاطبا إياهم ( ألا يبلغ الشاهد الغائب ) وفيهم الأعراب ، وفيهم العوام وفيهم غير ذلك ، فإن كان النبى صلى الله عليه وسلم قد حمل أمثال هؤلاء بالأداء والبلاغ عنه كل بحسبه ، العالم بحسبه ، وغير العالم بحسبه ، وأدخل الجميع فى الخطاب ، فما هو الصوت الذى نسمعه الآن ؟؟؟ فيُخرج بسطاء آخر الأمة من عموم الأداء والبلاغ ، للجليات المعلومة فى الدين , ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستثن أحدا حتى من ليس عنده من المعرفة والعلم إلا { آية } فقال ( بلغوا عنى ولو آية ) ، وهذا النصاب الأدنى قد تجاوزه عموم أهل الدعوة ، حيث إن بسطائهم يحفظون ويعلمون أكثر بكثير من هذا النصاب ..
فالدعوة عامة فى أحكامها ،واسعة فى مقاصدها وفروعها ، فكل أحد فى الأمة يدعوا إلى الله تعالى بحسب ماعنده من العلم والفقه ، فالعالم فى دعوته بخلاف العامى ، ولكن العامى لا يُحرم من الخير ، وهو خير الدلالة على الله تعالى وتعظيمه فى آذان السامعين ، والدعوة إلى الرسالة ، بل له فيها نصيب واف ، ويضرب له فى فضلها بسهم وافر ، ولكنه لا يعدو قدره ، ولايتجاوز حده .....
لذلك كان البسطاء من أهل الدعوة فى قيامهم عليها مع خفة علوم بعضهم وقلة زادهم ، محمودون إن شاء الله من الشارع سبحانه ، طائعون لرسوله صلى الله عليه وسلم لكونهم لم يتجاوزوا قدرهم فى دعوتهم ، فيتصدرون فيها لدقائق العلم وتفريعات المسائل ، فلم ينخدعوا بمقامهم الذى قاموا فيه ، ولم يخدعوا غيرهم ، الذين توسموا فيهم الفقه والعلم ومعرفة الفتوى والأحكام ..
فإذا كان العامة من أهل الدعوة قد قاموا للدعوة إلى تصحيح اليقين ، والتوكل على الله سبحانه وتعالى وحده ، وطرح اليقين والطلب والقصد على ماسوى الله عز وجل من المشاهدات والمحسوسات ، فقصدوا وطلبوا الخالق وطرحوا المخلوق ، وتوجهوا إلى الخالق ، ولم يعتمدوا على المخلوق ،
فدعوا إلى اليقين على الكلمة الطيبة لا إله إلا الله ،
وتواصوا بحسن اتباع النبى صلى الله عليه وسلم ، وتعظيم سنته ظاهرا وباطنا ،
وحرصوا على السير وفق طريق النبوة ومقاصد الرسالة ،
فقاموا فى الناس يدعونهم من الدنيا إلى الآخرة ،
ومن المخلوق إلى الخالق ،
ومن عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ،
ومن زيف الدنيا وضيقها إلى سعة الدنيا والآخرة ،
ومن جور الأديان والمقالات الفاسدة ، الى عدل ورحابة الاسلام ،
فرحموا الناس وحرصوا على فوزهم وفلاحهم ، وأعلنوا أمام الناس ، أن أساس هذا النجاح والفلاح ، هو فى امتثال أوامر الله سبحانه وتعالى ، وعلى هدى النبى صلى الله عليه وسلم .
ورغبوا فى إقامة الصلاه بخشوعها وخضوعها ، فى أوقاتها وفى الجماعه ،
ودعوا إلى طلب العلم النافع ، وذكر الله تعالى وعدم الغفله ،
وإلى إكرام كل مسلم ظاهرا وباطنا ، وتعظيم حقوق المسلمين ،
وإلى تصحيح النيات فى كل هذه القربات السابفه ، لينتفع الانسان بها ،
ثم يحثون عموم المسلمين إلى بذل الجهد فى الدعوة إلى الله تعالى ، وتفريغ الأوقات لذلك ، وإحياء هذه الصفات والواجبات ، التى كانت عند أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فى عمومهم ... ، وكانت لائحه ظاهره فى خصوصهم .
فهذه الواجبات الظاهرة ، والجليات المعلومة التى غالبا ما يتحدثون فيها ، لا تحتاج الى المتخصصين لنقلها ونشرها ، بل هذه لشيوعها وزيوعها وانتشارها ، كل أحد من المسلمين عالم بها ، ويدعو اليها ، ولا يشترط فيها أهلية البحث والاجتهاد حتى تبلغ للناس ...
أقول : فالشئ الذى يدعو إليه أهل الدعوه فى معظم كلامهم ، هو الخير والإيمان ، وما يتعلق به من الواجبات الظاهره ، والجليات المعلومه ، وهم لا يتعرضون فى دعوتهم ، لدقائق الأفعال والأقوال والمسائل ، وما يتعلق منها بالاجتهاد ، لذلك حسن منهم ما يؤدون من خير ومعروف ، علماء كانوا أم بسطاء ، ولم يشترط فى دعوتهم المجمله للايمان والواجبات الظاهره أن يكونوا علماء متخصصين ، أو مجتهدين نابهين ...
بخلاف الأمر بالمعروف والنهى عن بعض أنواع المنكر ومراتب الحسبه فى دقائق الأمور ، فإنها تحتاج إلى حذاق من أهل العلم ، الذين يوازنون بين المصالح والمفاسد فيها ، فيقدمون المصالح ويؤخرون المفاسد ، حتى لا يخرج أمرهم ونهيهم الى ما هو مذموم فى الشرع ، إما تحريما أو كراهه ولأن الموازنه بين الأمر أو النهى أو السكوت ، يحتاج الى فقه عميق ، وعمل دقيق ، حتى لا يأمر بمعروف فيجلب من ورائه المنكرات ،أو ينهى عن منكر فيفوت به المصالح الجليات ، أو يتطاير من أمره ونهيه الشرر والفساد ، وهو يحسب أنه يحسن صنعا ، وكل ذلك لابد له من ضوابط ، وأن لا يخرج عن القواعد ، التى تمرس بها المتخصصون ..
قال العلماء ( البعض فى باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من غير العلماء الربانيين قد يذمون غير مذموم ، والبعض الآخر قد يجاوزون الحد فى الشئ ويسرعون بالإنكار إلى كل شئ ، لغلبة الجهل عليهم وقلة مجالستهم للعلماء المتخصصين ، فينكرون غير منكر ويتعصبون بالبغضة والهجر فى الشئ اليسير ، الذى قد يُغتفر مثله ، وهم غير موصوفين بمحاسن الأخلاق ، ولا موسومين بالبشاشه والإنطلاق اذ فيهم كزازة وتغليظ على الناس ، وفيهم كثرة مقت لأهل البشر والطلاقه ،
ولذلك قالوا : الشريف إذا تقرى تواضع ، والوضيع اذا تقرى تكبر ،
وقال آخرون : عادة السفلة إذا تقرى أكثر الأمر بالمعروف واعترض على جيرانه فى كل شئ ، يعنى أكثر الأمر بالمعروف ليعرف به ، فمن أجل ذلك رفضهم العلماء ، وذمهم الحكماء ، لأن العلم يبسط ويوسع وتكون معه الأخلاق الحسنه ، والآداب والمروآت الواسعه ، والعالم يضع الأشياء فى مواضعها من الناس ولا يجاوز بها ولا بهم المقادير ، ويستخرج لهم المعاذير ) انتهى .
ولقد كان ضياع الأركان والواجبات الظاهرة فى الأمة ، سببا فى قيام هؤلاء البسطاء النابغين من أهل الدعوة للترغيب فيها ، وقد رغب أهل العلم فى هذا القيام وفق هذا الحالة ، حيث قالوا رحمهم الله ( عند ضياع الاركان ينبغى لكل أحد أن يدعو إلى الأركان يستوى فى ذلك عالمهم وجاهلهم ذكرهم وأنثاهم كبيرهم وصغيرهم ) .
فسوغ العلماء عند فقد وضياع اركان وواجبات الدين الظاهرة ، من شهادة أن لاإله إلا الله محمد رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ، لكل أحد فى الأمة المسارعة إلى إقامتها ، والدعوة إليها والتمسك بها ، وجعلوا مسئولية ذلك على كل أحد فى الأمة العالم والجاهل كل بحسبه ، والذكر والأنثى والكبير والصغير .
نسأل الله تعالى أن يمن على أمة الإسلام للقيام على مقصد وجودها ، وشرف مسئوليتها ووظيفتها لترشد عموم البشرية إلى طرق الفوز والنجاح الأبدية ، وأن يحقق فينا خيرية الدلالة عليه وتعظيم أمره واتباع حبيبه ورسوله صلى الله عليه وسلم .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire