معركة الدونونية: عودة الروح إلى الأندلس الجريح
رغم هزيمة العقاب التي كسرت المسلمين في الاندلس ، خاض المسلمون معركة دون نونة، فسحقوا جيشا أسبانيا المكون من 90 ألفا مقاتل ولم يكن تعداد المسلمين يزيد عن 10 آلاف
عَزَم السُّلْطان يَعْقوب السلطان المريني الزناتي البربري على المَسِيْر بنفسه الى الاندلس التي عاث النصارى فيها الخراب و الدمار ، وحَثَّ جَميع القَبائل الأَمازِيْغِيَّة والعَرَبِيَّة بالمَغْرِب على الجِهاد، ثم عَبَر البَحْر بمَنْ أَجاب داعِيَ الجِهاد سنة 674هـ .
و بعد أن أَنْكَى في العدو أَشَدَّ النِّكاية، وامْتَلَأت أَيْدِي المسلمين من الغَنائِم، شَرَع السُّلْطان يَعْقوب رحمه الله تعالى في الرَجَوع بجُيوشه إلى الجَزِيْرة الخَضْراء، ولكن الله تعالى قَدَّر أن تَقَع مَعْرَكة من أهم المَعارِك في تاريخ تلك الحِقْبة.
لما نَزَل يَعْقوب المَرِيْنِي بمدينة إسْتِجه جاءه النَّذِيْرُ باتِّباع العَدُوِّ آثارَه؛ لاسْتِنْقاذ أَسْراه، واسْتِرجاع أَمْوالَه، وأن واحدًا من كبار زُعمائهم يُلَقَّب بالدون نونه - ومعنى دون بلُغَتهم السِّيْد - قد خَرَج في طَلَب الجَيْش المَرِيْنِي، وحَشَدَ أُمَم النَّصْرانِيَّة من الصَّبِيِّ المُحْتَلِم إلى الشَّيْخ الكبير، فقَدَّم السلطانُ يَعْقوب الغَنائِم أمامه، وسار خَلْفها مُتَأهِّبًا لقُدُوم جُيوش العدو.
فلما أَدْرَكَتْ جُيوشُ النَّصارى جَيْش السُّلْطان يَعْقوب، ورَأى السُّلْطانُ كَثْرَة جَمْعِهم، وضَخامة عَتادِهم، نَزل فتَوَضَأ، وصَلَّى رَكْعَتَيْن، والْتَجَأ إلى الله تعالى بالدُّعاء، فكان يَدْعُو، وجُنُوده يؤمِّنون وَراءه، ثم وَعَظَ الناسَ وذَكَّرَهَم، ورَغَّبَهم في طَلَب الشَّهادة، فاشْتَدَّ تَأَثُّرُهم، وتَبايَعُوا على المَوْت، وزَحَف بهم السُّلْطانُ يَعْقوب، فأَنْزَل بجَيْش قشتالة هَزِيْمَة ساحِقة، وقَتَل قائدَهم الذي عانَى منه المُسْلِمون في الأندلس الوَيْلات الكثيرة؛ لكَثْرة غاراته عليهم.
فاشْتَدَّت المُصِيْبة على نَصارى الأندلس الذي كانوا يَتَيَمَّنُون بالقائد نونة المذكور؛ لكونه لم تُهْزَم له رايَةٌ فيما قِيْل، وكان مَلِكُهم قد اسْتَعْمَله على حُرُوبه، وفَوَّض له في جميع أُموره، فأراحَ اللهُ تعالى المسلمين من شَرِّه ،في الحقيقة كان لهذه للمعركة تأثير كبير في تاريخ الأندلس الإسلامي، إذ أنها أوقفت زحف النصارى في الأراضي الإسلامية وقد أخرت سقوط مملكة غرناطة لمدة تزيد عن قرنين. و بعد موقعة الدونونية انقسم جيش المسلمين إلى نصفين، توجه النصف الأول إلى جيّان وكان على رأسه ابن الأحمر، ففتح جيّان وانتصر عليهم، وتوجّه النصف الآخر وعلى رأسه المنصور المريني إلى إشبيلية، فإذا به يحرر إشبيلية ويصالح أهلها على الجزية.
وإنه والله لأمر عجيب هذا، أمر هؤلاء الخمسة آلاف رجل، والذين يذهب بهم المنصور المريني ويحاصر إشبيلية، فيحررها ويصالح أهلها على الجزية، تماما كما قال صلى الله عليه وسلم: نُصِرْتُ بِالرُّ عْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ. فكان هذا مثال حي على صلاح الرجال وصلاح الجيوش.
وبعد ثلاث سنوات من هذه الموقعة، وفي سنة 677 هـ 1279 م ينتقض أهل إشبيلية فيذهب إليهم من جديد يعقوب المريني، ومن جديد وبعد حصار فترة من الزمن يصالحونه على الجزية، ثم يتجه بعد ذلك إلى قرطبة ويحاصرها، فترضخ له أيضا على الجزية.
أمر والله في غاية الغرابة والعجب، يحرر قرطبة وجيّان وإشبيلية وقوام جيشه لا يتعدى الخمسة آلاف مقاتل! وإنه ليستحق وقفات ووقفات، وإن كان هذا ليس بغريب في التاريخ الإسلامي.
Nombre total de pages vues
dimanche 19 mars 2017
معركة الدونونية : عودة الروح إلى الأندلس الجريح
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire